محاكمة مواطن غير منضبط /الشاعر ربيع دهام

( محاكمة مواطنٍ غير منضبط )

قالوا الوطنَ غالي 
قلتُ : وكذلك أطفالي  
قالوا  :  أتخون بالتمرّد جذوركَ؟
قلتُ : ما نفع جذوري
ومقطّعةُ أوصالي؟
قالوا :  نتهمك بالخيانةِ والإنكارِ 
قلتُ :  أتحرقون بالنارِ عودي
وتنتظرون عزفَ أوتاري؟
قالوا  الوطن غالي
قلتُ : وكذلك أطفالي

(وفتحوا كتاب يومياتي
وسجّلَي العدلي وانتماءاتي)

ثم صدحوا : 
  لم تصوّت يوماً
في انتخاباتٍ نيابيّة 
قلتُ : 
 لا ألوّث يدي بالطائفية 
قالوا : 
 هذه واجباتكَ الوطنية 
قلتُ : 
 هذه مسرحيّة 
قالوا : 
  هو نظامٌ يحمي الأقليّة 
قلتُ : 
 هو قنبلة عنقوديّة
قالوا :
هو ضمان الحريّة
قلتُ :
هو السكتة الدماغية
قالوا  : 
 ألستَ طائفي الهوية؟ 
قلتُ : 
 في داخلي
مكوّنات النجومِ 
وفي روحي
روحُ اللهِ
فكيف تقزّمونني
من كونٍ لهوية؟ 
 
(ضربوا على الطاولة وصرخوا) :

 أنت كافرٌ 
في انتماءاتك الدينية 
قلتُ : 
 أنا مؤمنٌ بالإنسانية 
قالوا : وطلبتَ شطب مذهبك
 عن إخراج قيدكَ؟
قلتُ : نعم
قالوا : 
هذه جنحة إجرامية
قلتُ :
هذه قضية شخصيّة
قالوا :
لا يُشطب المذهب عن الهويةْ
قلتُ :
إذن يِشطب الوطنُ
عن الكرةِ الأرضية
قالوا :
 الوطنُ نهائي
عمره من عمر الأزلية
قلتُ :
حتى الشمس
لن تطال الأبدية
قالوا :
أجب بنعم
أو كنت من الأنجاس
حتى الأسود لأسيادها وفية
قلت٪
يا تجار الوطنِ والمآسي
يا مدمني الكراسي
كفاكم تسليف الناسِ
 وعوداً وهميّة
وقبض ثمنها نقدا
من السفاراتِ الأجنبية
قالوا :
سنسلبك حقوقك المدنية
قلتُ :
سلبتم  مني كلَّ شيءٍ
حلمي فرحي عيوني
ابتساماتي 
وحساباتي البنكيّة 
وتاجرتُم بكل اللغات والحضاراتِ
عربيّة  عثمانية  وفنيقية
وإسلامية ومسيحية
فماذا تسلبون بعدُ منّي
وعنقي على مقصلةِ جهلكم
ضحيّة
قالوا :
نحن رؤساك في الوطنِ
ونحن زعماؤك
ونحنُ بطاركك ومفتييكَ
نستطيع بجرةِ قلمٍ اعتقالك 
وجلبكَ بألف شرطي ودورية
قلتُ : 
صحيحة هي الخبريّة
قصة عشقٍ رومانسية 
بين الإقطاع
والصروح الدينية
قالوا :
يا كافراً باللهِ
نفِّذ
 أو تمسي حياتك غبارا
كصفحاتِ الكتب المنسيّة
قلتُ : 
 الوطن الذي لا يقرأ
تحكمه  عصابات وحشية
قالوا : 
أنت معتقلٌ
ولا تليق بك الحرية!
قلتُ :
ما الفرق أن أكون 
بين قضبان الحديدِ جسدا
أو طليقاً في عصرِ الجاهليّة؟
سلوا الوردة 
أياً من اثنتين تختار 
تبقى حيةً في الترابِ
أو تُعتقل في مزهريّة؟
قالوا : 
يا لمبادئك الرجعيّة
قلتُ :
ويا لأفكاركم "الحضارية"
 تصنعون أجنحةً
لعقولٍ قتلتموها
وتدعون  الأجنحةَ حريّة !

( بقلم ربيع دهام)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السراب الجميل /الشاعر المهندس سامر الشيخ طه

أمي وعجز القلم /الشاعرة منى المسلماني

نعمة حياتي /الشاعر أنور اميرالدين الصامت